وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا
قالَ ربُّنا تباركَ وتعالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]، وأعمالُ البرِّ في اللَّيلِ أفضلُ مِنَ النَّهارِ وعَملِه، يُبيِّنُ ذلكَ هذا الحديثُ الذي فيه بيانُ تَفضُّلِ اللهِ تَعالى على عبادِه؛ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: مَنْ نامَ عن حِزبِه أو عن شيءٍ منه، أي: غلبَهُ النَّومُ، أوْ كانَ عندَه عذرٌ منَعهُ منه، لكنَّ نيَّتَه حاضرةٌ، و“الحِزبُ” الوِردُ الذي يجعلُه الإنسانُ على نفْسِه مِنْ قِراءةٍ أو صلاةٍ، وقولُه: “فقرَأَه فيما بينَ صلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظُّهرِ”؛ وذلكَ لأنَّ في هذا الوقتِ سعةً يستطيعُ العبدُ فيه أنْ يستدرِكَ ما فاتَه في اللَّيلِ، وهذا مِنْ تفضُّلِ اللهِ ورحمتِه على عبادِه. وقولُه: كُتِبَ له كأنَّما قرأَه مِنَ اللَّيلِ. أي كُتِبَ أجرُهُ في صحيفةِ عملِه كما لو فعلَه في وقتِه، وهنا لمحةٌ إلى لُطفِ اللهِ بعبدِهِ الذي يُديمُ على حالٍ في الخَيرِ، فإذا بَدرَ منْه ما يُخالفُ هذا الحالَ، تفضَّلَ اللهُ عليه ولمْ ينقُصْه أجرَه كما لو فعلَه؛ وذلك لحسنِ نيَّتِه وصدقِها.
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى الحثِّ على قَضاءِ النوافلِ، حتَّى لا يَعتادَ إسقاطَها عندَ فواتِها..